الأربعاء، 10 أبريل 2019

فأتنا بما تعدنا ..تأمل وتحليل جديد




تأمل وتدبر في أية قرآنية ..
يقول الله عز وجل ، عن قوم عاد .. قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ..

المعنى الظاهري والشائع لهذه الأية معروف كما هو مذكور في كتب التفاسير ، ويعتبر قولهم ذلك مستنكر وعيبا عليهم ، على ما طالبوا وتحدوا النبي هود ان يعجل لهم العذاب في الدنيا ..من معنى قولهم ...فأتنا بما تعدنا .فهل يعقل بأنهم طالبوا هود بإنزال العذاب عليهم ..بالرغم انهم لم يقولوا ..فأتنا بالعذاب كما وعدتنا .
لذلك يبدو لي ان هناك معنى أخر خفي ومهم كانوا يقصدوه بقولهم  ...فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ..
فاغلب الظن بأنهم طلبوا من هود ان يساعدهم في دخولهم في دين هود أي باعادتهم وارجاعهم من دينهم الى دين هود ..بماتعدنا ..من الفعل عاد يعود ، وليس من الفعل وعد يعد ..
تأمل هذه الأية المذكور فيها عبارة ..لتعودن في ملتنا ..
 ..قال الملا الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين امنوا معك من قريتنا او لتعودن في ملتنا قال اولو كنا كارهين ..

واليك تفسير للسعدي متقارب لوجهة نظري ، عن قوم نوح  ..

( قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ )
هود (32)
فلما رأوه، لا ينكف عما كان عليه من دعوتهم، ولم يدركوا منه مطلوبهم { قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } من العذاب { إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } فما أجهلهم وأضلهم، حيث قالوا هذه المقالة، لنبيهم الناصح.

فهلا قالوا: إن كانوا صادقين: يا نوح قد نصحتنا، وأشفقت علينا, ودعوتنا إلى أمر، لم يتبين لنا، فنريد منك أن تبينه لنا لننقاد لك، وإلا فأنت مشكور في نصحك. لكان هذا الجواب المنصف، الذي قد دعي إلى أمر خفي عليه، ولكنهم في قولهم، كاذبون، وعلى نبيهم متجرئون. ولم يردوا ما قاله بأدنى شبهة، فضلا عن أن يردوه بحجة.
لذلك رد عليهم نوح بقوله ....
( قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّهُ إِن شَاءَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ) هود (33)
ولهذا عدلوا - بسبب جهلهم وظلمهم - إلى الاستعجال بالعذاب، وتعجيز الله، ولهذا أجابهم نوح عليه السلام بقوله: { إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ } أي: إن اقتضت مشيئته وحكمته، أن ينزل العذاب عليكم ( ولعله كان أيضا يقصد ، أن يهديهم الله ، اضافة من عندي .. )  ، فعل ذلك. { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } لله، وأنا ليس بيدي من الأمر شيء.
وقول نوح في الأية التالية يؤكد صحة ما ذهبت أنا اليه ..
..
( وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) هود (34)

{ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ } أي: إن إرادة الله غالبة، فإنه إذا أراد أن يغويكم، لردكم ومنعكم عن الحق، فلو حرصت غاية مجهودي، ونصحت لكم أتم النصح - وهو قد فعل عليه السلام - فليس ذلك بنافع لكم شيئا، { هُوَ رَبُّكُمْ } يفعل بكم ما يشاء، ويحكم فيكم بما يريد { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } فيجازيكم بأعمالكم.

واما عن وقوع العذاب على قوم عاد ، فلعلهم لم يريدوا الهداية بصدق  او انهم تأخروا بطلب الهداية ..حيث يقول الله ..

( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الأحقاف (24)

{ فَلَمَّا رَأَوْهُ } أي: العذاب { عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } أي: معترضا كالسحاب قد أقبل على أوديتهم التي تسيل فتسقي نوابتهم ويشربون من آبارها وغدرانها.

{ قَالُوا } مستبشرين: { هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا } أي: هذا السحاب سيمطرنا.

قال تعالى: { بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ } أي: هذا الذي جنيتم به على أنفسكم حيث قلتم: { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }

اتمنى ان تكون وجهة نظري صحيحة ..والله الموفق ..








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق